عرفت التكنولوجيا التواصل والإعلام، في وقتنا المعاصر تطورا سريعا بفضل النمو المضطرد لفرص الولوج إلى الوسائط التي توفرها التكنولوجيا الرقمية، ويؤشر هذا التطور على ارتفاع منسوب المواطنة وتوطيد الحق في المعلومة كحق أساسي للمواطن، كما هو الشأن في الديمقراطيات المتقدمة وبدرجة أقل في الدول النامية.
ومن هذا المنظور، فقد عرفت الشبكة المعلوماتية توسعا لافتا جعل منها بامتياز وسيلة للاعلام والتواصل مع العالم الخارجي، كما أن الشبكات الرقمية للتواصل الإجتماعي، كرافد لهذه الشبكة ودعامة تواصلية، أتاحت للأفراد إمكانيات الولوج لمعلومات غير محدودة، فالأمر هنا يتعلق بظاهرة استثنائية استرعت انتباه المتخصصين في مجالات وحقول معرفية عديدة، خصوصا علماء الإجتماع والنفس ومهندسي الأنظمة المعلوماتية والمسيرين داخل المقاولات.
فعلاوة على الفرص التي تتيحها الشبكة المعلوماتية للشباب،فإنها تثير أيضا انشغالات كبيرة بالنظر إلى كون بعض الممارسات قد تضر بصحة وسلامة المجتمع، فالمخاوف المتعلقة بالآثر السلبي للتكنولوجيا الرقمية يثيرها عادة المتدخلون المهتمون بمصالح الناشئة، على اعتبار أن الشباب يلجؤون الى استعمال قنوات التبادل هذه، في الوقت الذي تنقصهم التجربة الحياتية والمعرفة القانونية.
فدعامات الهواتف الذكية تشكل في حد ذاتها وسيلة تواصل وتبادل وارتباط اجتماعي بامتياز، إلا أن استخدامها ينطوي في الوقت نفسه على إخطار بالنسبة إلى الشباب الذي يمكن أن يتحولوا إلى ضحايا أو مجرمين للاستغلال الجنسي والجريمة المعلوماتية والتطرف السبراني والابتزاز الجنسي….
يمكن القول أن المشتبه فيهم ينتمون في الغالب إلى الفئة العمرية التي يناهز سنها مابين 15 و 30 سنة، أي ان منهم القاصر والبالغ سن الرشد الجنائي، ومنهم التلميذ والطالب والعاطل عن العمل والاجير، ومنهم من لديه السوابق القضائية ومنهم من لم يسبق أن اذين قضائيا لكن يبقى القاسم المشترك بين كل هؤلاء أن هدفهم الأول من عمليات الابتزاز هو تحقيق منفعة مالية من هذه الافعال الإجرامية.
كما يفترض في كل مستعمل للهواتف الذكية أن يحذف بشكل فوري الإتصال المجرى مع شخص تحوم حوله الشبهات، وأن يحتفظ بأكبر قدر ممكن من المعلومات بشأنه لتسهيل عملية تشخيص هويتة وتوقيفه من طرف مصالح الأمن، والمعلومات المطلوبة هنا أساسا هي العنوان البريدي المشتبه فيه، ورقم هاتفه النقال أو التابث، والبروفايل الذي يختاره على مواقع التواصل الاجتماعي…فهذه المعلومات ضرورية للبحث الجنائي لأنها تسمح لمصالح الأمن بالوصول إلى المشتبه فيه، وكشف هويته الحقيقية، وتقديمه أمام العدالة.
وامعانا في الجانب الوقائي، وتحصينا للاطفال والشباب ضد مخاطر الاستعمال المعيب للهواتف الذكية وبخاصة جرائم الابتزاز الجنسي ،فإن رئيس الهيئة الحضرية بمفوضية الشرطة بمدينة القصر الكبير لم يحرص على فتح نقاش موسع بخصوص هذا الموضوع مع تلاميذ المؤسسات التعليمية في إطار الحملا ت التحسيسية التي كان يقوم بها في المؤسسات التعليمية بمدينة القصر الكبير، مع عدم توطيد آليات الوقائية لمواجهة هذه الظاهرة، والرفع من منسوب التحصين الذاتي للشباب ضد مخاطر الخداع والتدليس والاحتيال.
مصطفى سيتل