شهد موسم دراما رمضان 2024 عرض العديد من المسلسلات المغربية، التي تنافست طوال الشهر الفضيل سعيا إلى جذب انتباه المشاهدين والحصول على تقدير النقاد. ومن بين الأعمال التي لفتت انتباه الجمهور وحظيت بنسب مشاهدة عالية مسلسل « جوج وجوه » الذي يعرض على القناة الثانية، ومسلسل «دار النسا» الذي يعرض على القناة الأولى، ثم مسلسل « بين القصور » الذي يعرض على قناة MBC5.
وأظهر مسلسل «بين القصور» نفسه بوضوح في ظل التنافس الشديد، كأحد أبرز الأعمال الدرامية خلال الموسم الرمضاني. وأشاد الناقد الفني فؤاد زويريق بتميز هذا المسلسل، معتبرا إياه الأنجح خلال هذا الموسم. في حين لم يدع زويريق أن المسلسل هو عمل متكامل فنيا، إلا أنه أشاد بقوة الطاقم الفني وجودة الكتابة وأداء الممثلين.
وقال فؤاد مبررا اختياره لهذا العمل: «بعد إطلاعي على الأعمال الدرامية المغربية التي تعرض في قنواتنا بالإضافة الى MBC5، فيمكنني القول -إن كان علي الاختيار- هناك عمل واحد ووحيد شد انتباهي هذا الموسم، فمقارنة بالأعمال المغربية الأخرى يبقى مسلسل « بين القصور » لمخرجه هشام الجباري -حسب رأيي طبعا -هو العمل الدرامي القادر نوعا ما على خلق حالة من الترقب والجذب لدى الجمهور المغربي ».
وتابع: ” لا أدعي أنه عمل متكامل فنيا بطبيعة الحال، بل وقد أعدد لك نقاط ضعفه، لكن إذا ما قارناها بنقط ضعف باقي الأعمال المغربية المعروضة، تبقى مقبولة في ظل ما تعانيه المنظومة ككل من هشاشة، وصدقا وبحيادية تامة وبعيدا عن العدمية، فلهذا المسلسل جاذبيته الخاصة، تكمن أولا في قوة الطاقم الفني، أعني طاقم الممثلين، فلدينا ممثلين مبدعين وقد أجاد أغلبهم في تشخيصه وأدائه، كما أن تسكينهم كان في محله، وهذا مهم لإقناع المشاهد، إذ نجد كل ممثل يرتدي الشخصية التي تناسبه ويستحقها، وهذا لم نجده في معظم الأعمال المغربية، ».
وأضاف: « اختيار الممثلين الثانويين وتسكينهم كان في محله أيضا، مما خلق انسجاما جيدا بينهم وبين الممثلين الرئيسيين، وأسس قنطرة متينة بين هؤلاء وأولئك، كما أن التنوع الذي تابعناه في هذه النقطة بالضبط، يعتبر إضافة لهذا العمل، لأنه زاد من قابليته وتقبله. فهناك وجوه جديدة ووجوه ألفناها كجمهور، وما يحسب لصناعه أنهم قللوا من الوجوه النمطية وعوضوها بأسماء إما قليلة الظهور أو بأسماء كانت مختفية، وأنا هنا أتكلم عن الممثلين الأساسيين ».
واعتبر هذا الناقد الفني أن مسلسل « بين القصور » تفوق أيضا من ناحية الكتابة، قائلا: « تفوقت السيناريست بشرى ملاك إلى حد ما في ضبطها في الكثير من الحلقات، والنقطة الأساسية التي تحسب لها، هي كيفية رسم ملامح الشخصيات وربطها بالأحداث ».
وتابع: « لدى بشرى ملاك بعض الأعمال الدرامية الجيدة التي سبق لي مشاهدتها، ولاحظت موهبتها الكبيرة في رسم ملامح الشخصيات ونحتها مما يجعلها أقرب إلى الجمهور، وأنا هنا لا أتكلم عن أداء الممثل، بل عن كيفية كتابة الشخصية نفسها، لهذا نجد أن أغلب الشخصيات الرئيسية في هذا العمل تجاوب معها الجمهور ».
أردف زويريق متحدثا عن نقاط قوة مسلسل « بين القصور »: ” في المجمل لدينا مشكل في إخراج الأعمال الدرامية وهذا معروف، فمهما كانت الكتابة جيدة قد يظلمها الإخراج الضعيف، في هذا المسلسل بالضبط نجد المخرج هشام الجباري، وحسب متابعتي له، قد تميز في حلقات وأخفق في أخرى، هناك تذبذب في إيقاع الحلقات من ناحية الإخراج، في الحلقات الأولى، كنت أبحث عن أسلوبه كمخرج، عن متانة رؤيته وقوة سلطته كربان العمل، مع توالي الحلقات وتشابك الأحداث، بدأت تظهر ملامحه شيئا فشيئا، وحتى لا نبخس المخرج حقه ففي ظل ما نعيشه من فقر إبداعي شديد في الأعمال المغربية، فقد كان هشام الجباري متواجدا في هذا العمل بخبرته وتجربته أيضا، وهناك تطور ملحوظ مقارنة مع أعماله السابقة ».