أطلقت وزارة الداخلية عبر عدد من رجال السلطة حملات ميدانية بعدد من مدن المملكة، لتحرير الملك العام من الاستغلال بدون ترخيص قانوني، مستعينين بكاميرات لتصوير مشاهد الهدم.
مبدئيا لا يمكن سوى دعم هذا التوجه الردعي لحماية الملك الجماعي والعمومي من الاعتداء، والمهم في الأمر هو أن تتجاوز هذه التحركات منطق الحملة الظرفية، إلى فعل يومي منظم ودائم يسعى إلى إنفاذ القانون، بعيدا عن منطق الانتقائية والظرفية.
فقد اعتاد المغاربة على تنظيم الحملات الدورية التي تلي تعيينات وزارة الداخلية في مناصب الولاة والعمال والقواد والباشوات، لكن سرعان ما تعود حليمة إلى عادتها القديمة.
جميع رجال السلطة يدركون جيدا كيف وصلنا في بعض المدن إلى القضاء على الممرات ووضع اليد على ممتلكات عمومية واستغلال فضاءات عمومية دون وجه حق، حتى لم يعد يكاد زقاق أو شارع في أي مدينة يخلو من حالة أو اثنتين أو عشر حالات من الخروقات، لدرجة صار بين كل خرق وخرق خرق آخر.
لذلك فحملة مكافحة استغلال الملك العام التي تخوضها السلطة ينبغي أن تنبش قليلا لربط المسؤولية بالمحاسبة وترتيب المسؤوليات القانونية والقضائية، فكل عمليات احتلال الملك العام لم تكن أمرا فجائيا دُبر بليل، بل كانت تتم تحت أنظار السلطة، التي عليها اليوم أن تضرب بقوة كل من تجاوز القانون أو تورط في احتلال الملك العام.
إن القضاء على استغلال الملك العام لا يتم بين عشية وضحاها، وبمنطق الحملات الظرفية والكاميرا «شاعلة»، بل إن ذلك يتطلب الوقت لتفكيك مركبات الفساد والسمسرة وتجار الانتخابات الذين فوتوا أملاك عمومية لمحظوظين، وهو ما فوت على ميزانيات الجماعات عشرات الملايير من السنتيمات كان من الممكن توظيفها في مشاريع التنمية الترابية.
إن مظاهر احتلال الملك العام مسؤولية جماعية للمنتخبين ورجال السلطة، ولا يمكن تغطية الشمس بالغربال، فكل تحرير تقوم به السلطة اليوم لملك عمومي فهو بالضرورة مسؤولية رجل سلطة سابق ومنتخب سابق، لم تتم معاقبتهما، في انتظار ارتكاب خروقات أخرى تتبعها حملات هدم أخرى.