بمناسبة الذكرى الأربعين لوفاة سفيان البحري، نشر الأمير مولاي هشام تدوينة مطولة على منصة فيسبوك جاء فيها :

في أعرافنا وتقاليدنا،، ننتهز مناسبة مرور 40 يومًا على وفاة قريب أو أحد المعارف لتكريم الفقيد. يصادف اليوم مرور 40 يومًا على وفاة سفيان البحري، الشاب الذي تميز بإدارته لحسابات شهيرة في مواقع التواصل الاجتماعي تخصصت في نشر صور ومواد خاصة بالملك محمد السادس وأفراد عائلته. لقد كنت محظوظاً بمعرفتي بسفيان، وبأنني تمكنت من مناداته بصديقي.

كانت بداية صداقتنا هو قيامه بنشر بعض الصور والتعليقات اللطيفة حول شخصي صيف 2020. ونتيجة لذلك، شكرته علناً. اعتقد الكثيرون أن سفيان كان يتصرف تجاهي نيابة عن الملك نفسه، وذلك أخذا بنوعية تعامله الإيجابي معي. من جهتي، لم أنخرط في أي من هذه التخمينات، واعتبرته تصرف حميد ونبيل من جانب، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع نمط العديد من وسائل الإعلام الأخرى ومنتجي المحتوى المقربين من القصر والدولة، التي اعتادت نشر سلسلة طويلة من الأكاذيب والتشهير ضد شخصي على مدى ما يفوق العشرين سنة، والتي كنت قد أصبحت محصنًا ضدها، وترفعت عنها. عكست تلك المنابر الاعلامية ربما نوازع القصر، أو أجهزته الأمنية أو المتزلفين الطامحين لحظوة من النظام.

ومن هناك، نشأت بيني وبين سفيان صداقة متينة استمرت خمس سنوات حتى وفاته المبكرة. فرّقت بيننا أشياء كثيرة: كنت أكبر منه بـ 25 عامًا، كما أنني كنت قد نشأت اجتماعيًا في بيئة سياسية مختلفة تمامًا. كانت الذكريات القومية والأبطال من الحركة الوطنية واليسار والإسلامية جزءًا من تجربتي السياسية إبان نشأتي. بينما نشأ سفيان في سياق معاكس تمامًا. فقد بلغ سن الرشد في حقبة مغربية كانت عقيمة سياسيًا، لأن التعددية والتنافسية كانت قد أصبحت متلاشية وشبه منعدمة. لقد ولدت في القصر، وترعرعت داخل أسواره، لكن في النهاية، طُلب مني مغادرته. في المقابل، وُلد سفيان وترعرع خارج القصر، ولكن من المفارقات أنه جُلب إلى حظيرته. فقد تربيت في سياق إسلامي متدين، وتلقيت تعليمي لاحقًا في ظل تقاليد فكرية غربية ليبرالية، وكلاهما يعتبران الحكم المطلق ليس فقط مرفوضا بل سبب ركود مجتمعنا. لم يكن لهذا علاقة بالأشخاص، بل بالمؤسسات والهياكل التي تنظم السياسة.

لا يقوم سفيان بمثل هذا التمييز. بالنسبة له، لم يعرف المغرب سوى الحكم المطلق، وكان بحاجة إليه، لأنه يحمي استمرارية الأمة. وهذا ما كان يفصل بيني وبينه. ومع ذلك، فقد فهم سفيان أيضًا في عمله أن أي زعيم أصيل حقًا كان عليه أن يضاعف هموم وعواطف شعبه.

وقد صوّر حياة الملك محمد السادس من هذا المنظور. وقد غذى ذلك في داخله عاطفة صادقة تجاه شخص الملك قلما رأيتها لدى الآخرين. وقد منحتني هذه الحقيقة احترامًا عميقًا له. ومن المفارقات أنه لم ”يكافأ“ على ذلك عكس ما يتصوره الكثيرون. في الواقع، كنت أعرف وضعه الشخصي جيداً، وقد توفي وهو يعاني من شتى الصعوبات.

لقد أثبتت لنا حياة سفيان التي لا تُنسى وإرثه الذي لا يُنسى اليوم أن لا شيء يستمر الى الأبد كما يبدو. فليرقد بسلام. إلى والدة سفيان أمينة، وإلى شقيقته نورا، أقول: لستما وحدكما.

بالمناسبة، أنشر صورة تجمعنا ببيتي في الرباط”.

شارك الخبر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top