نبض الإنسانية في حضن الأمل ….

تقرير : حول زيارة مستشفى الأمراض العقلية بمدينة قلعة السراغنة

حين تنبض القلوب بالمحبة، وحين تتجسد الإنسانية في أفعال صادقة، يكون العطاء أبهى صورة للرحمة. في يوم مشرق بنور الأمل بتاريخ 8 فبراير 2025، حملت جمعية العائلة الذهبية رسالة تضامن ودفء إلى نزلاء مستشفى الأمراض العقلية بمدينة قلعة السراغنة، في زيارة نسجت خيوطها من مشاعر الحب والمودة، وامتدت لتكون شعاعاً من الفرح في قلوب طالما أنهكها الألم والصمت.

مع أولى خطواتنا داخل المستشفى، لاحت في الأفق وجوه أنهكتها الأيام، وعيون تحمل بين طياتها قصصاً منسية وأحلاماً ضائعة، لكنها ما زالت تبحث عن نور الأمل. كان اللقاء الأول مزيجاً من المشاعر، بين ترقب من النزلاء وشوق من المتطوعين، لكن سرعان ما انكسرت الحواجز، حين مدّت القلوب أيديها قبل الأيادي، وحين خاطبت الأرواح بعضها بلغة لا تحتاج إلى كلمات.

بدأت الزيارة بكلمات ترحيب بسيطة، لكنها حملت دفء العالم بأسره. ثم توالت الأنشطة، حيث أطلقت الألوان العنان لمخيلة النزلاء في ورشة الرسم، فخطّوا لوحات عكست أحلامهم وأعماق وجدانهم. وفي ركن آخر، كان للأنغام سحرها الخاص، حيث انطلقت الأغاني والضحكات في سماء المستشفى، محدثة رنيناً مختلفاً، رنين الفرح الذي غاب طويلاً.

أما ورشات الألعاب والمسابقات، فقد أعادت للوجوه ملامح الطفولة البريئة، حيث شارك الجميع في لحظات من المرح والتحدي، بعيداً عن جدران الوحدة التي تحيط بهم يومياً. ولم يكن الدعم النفسي غائباً عن هذه المبادرة، إذ جلس المتطوعون مع النزلاء، يسمعون لقصصهم، يشاطرونهم لحظات الحديث والإنصات، ويمنحونهم جرعات من التفاؤل بكلمات صادقة وحانية.

في عيون النزلاء، قرأنا كلمات لم تُنطق، في نظراتهم وجدنا امتناناً يصعب وصفه، وفي ابتساماتهم شعرنا أننا لم نأتِ فقط لنمنح، بل لنأخذ أيضاً… لنأخذ درساً في الصبر، في الرضا، وفي المعنى الحقيقي للإنسانية. لم تكن مجرد زيارة، بل كانت لقاءً بين قلوب متعطشة للحب، ورسالة مفادها أن كل روح تستحق أن تُحتضن بالاهتمام والحنان.

رحلنا عن المستشفى، لكن أرواحنا بقيت هناك، بين جدرانه، في ضحكات امتزجت بالهواء، وفي أمل زرعناه علّه يزهر في قلوب نزلائه. كانت هذه الزيارة درساً لنا قبل أن تكون هديةً لهم، درساً بأن العطاء لا يُقاس بحجمه، بل بصدق المشاعر التي نحمله بها. وكما أن الشمس لا تبخل بنورها، فإن الإنسانية لا تكتمل إلا حين تمتد الأيادي لتضيء عتمة الآخرين.

شارك الخبر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top