ما من شك أن التعاون ببن أجهزة الأمن وجمعيات المجتمع المدني في مختلف مجالات التكوين والحكامة الأمنية والمراقبة المواطنة وإعداد التقارير الدورية، من شأنه أن يساهم في تدعيم بناء دولة الحق والقانون، وتكريس قيم حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا، وزجر الخروقات الماسة بالكرامة الإنسانية، وإرساء مبادىء عدم الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن هذا التعاون بجب أن يكون مجرد من أي توظيف سياسي أو حزبي، ولا يروم تحقيق مكاسب برغماتية، أو يخدم أجندة خاصة بعيدا عن الدفاع الجاد عن منظومة حقوق الإنسان.
ففي ظل الاختراق السياسي والحزبي لمجموعة من القطاع النقابي والعمالي والجمعوي ، أصبحت بعض جمعيات المجتمع المدني عبارة عن امتداد لحزب أو لمجموعة سياسية معينة تستعمل كوسيلة للضغط على الدولة واجهزتها لتحقيق مكاسب حزبية أو سياسية تتجاوز السقف الذي تحدده الاهداف المسطرة في القانون الأساسي لتلك الجمعية، فهذا التوظيف السياسي لموضوع حقوق الإنسان ينعكس بصورة سلبية على صورة الدول إزاء المنتظم الدولي، لأنه يحاول الالتفاف على التطورات الإيجابية الحاصلة في مجال المحافظة على حقوق الإنسان ويعكف في المقابل على إبراز الأمور السلبية أو إفتعالها بهدف تحقيق أهداف شخصية محدودة لكنها بتداعيات خطيرة على الدولة.
ينبغي التاكيد على أن منظومة حقوق الإنسان هي عبارة عن مبادىء كونية مستمدة من مختلف الثقافات والحضارات عبر مسيرة طويلة من التطور، وهي قيم شمولية ومتكاملة لا يمكن التمتع بجزء منها دون الآخر، كما أنها معايير دولية متوافق عليها، مما يفرض انخراط الجميع في حمايتها وصيانتها سواء تعلق الأمر بالهيئات الدولية أو الوطنية، وسواء تعلق الأمر بالمؤسسات الرسمية في الدولة أو الفعاليات المدنية الممثلة للمجتمع المدني.
