أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، مساء أول أمس الأربعاء، أحكامًا مشددة بحق أفراد شبكة الفساد المالي والإداري بجماعة فاس.
وقد رفعت المحكمة العقوبات الصادرة في حق المتهمين خلال المرحلة الابتدائية، بما في ذلك عقوبة البرلماني الاتحادي المعزول، الذي زيدت مدة سجنه من خمس إلى ثماني سنوات نافذة.
هذه الأحكام تعكس التزام القضاء المغربي بعدم التساهل مع المفسدين وناهبي المال العام.
وتأتي هذه الخطوة كجزء من سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة، والتي تشمل إحالة عدد كبير من ملفات الفساد على غرف جرائم الأموال في مدن الرباط، فاس، مراكش، والدار البيضاء.
إضافةً إلى ذلك، اتخذت النيابات العامة قرارات مهمة تتعلق بتجميد الأرصدة البنكية والممتلكات العقارية والمنقولة المسجلة بأسماء المتهمين وعائلاتهم، خاصةً بعدما تضخمت ثروات بعض المسؤولين بشكل لافت بعد توليهم مهام تدبير المال العام.
بالتزامن مع فتح ملفات الفساد واختلاس الأموال العمومية، بدأت النيابة العامة أيضًا بإحالة ملفات يُشتبه في تبييض الأموال المختلسة إلى الغرف المكلفة بجرائم غسل الأموال التي تم إحداثها بالمحاكم الابتدائية في مدن الرباط، الدار البيضاء، مراكش، وفاس.
لقد أصبحت السياسة في بعض الحالات وسيلة للاغتناء غير المشروع، وتحولت الانتخابات إلى مهنة تزاولها بعض “الكائنات الانتخابية”.
ومن المؤسف أننا نرى بعض محترفي اللعبة الانتخابية يورثون المناصب لأبنائهم وزوجاتهم، ليصبحوا من كبار الأثرياء بعد أن كانوا يمارسون مهنا بسيطة في بداية مسارهم.
في هذا السياق، يجب استحضار الخطب والرسائل الملكية المتعددة التي تنبه إلى مخاطر الفساد، كان آخرها برقية التهنئة من الملك محمد السادس إلى رشيد الطالبي العلمي بمناسبة إعادة انتخابه رئيسًا لمجلس النواب، حيث دعا الملك إلى تخليق الحياة البرلمانية وترسيخ الثقة في المؤسسات المنتخبة.
كما وجه الملك رسالة إلى مجلسي البرلمان بمناسبة الذكرى الستين لإحداث أول برلمان بالمغرب، داعيًا إلى وضع مدونة للأخلاقيات والرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة.
هذه الرسائل الواضحة تُوجه إلى قادة الأحزاب السياسية الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في اختيار المرشحين للمناصب الانتخابية.
فعندما تمنح الأحزاب التزكية لأشخاص يأتون إلى السياسة بهدف الحصول على الامتيازات ونهب المال العام، فإنها تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن الفساد.
الأسوأ من ذلك، أن بعض الأحزاب لا تجد حرجًا في إعادة تزكية أصحاب سوابق قضوا عقوبات حبسية ليعودوا لممارسة مهامهم الانتخابية بعد خروجهم من السجن.
إن هذه التطورات تؤكد التزام المغرب بمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية في الحياة العامة، مما يعزز ثقة المواطنين في المؤسسات ويضمن مستقبلًا أفضل للبلاد.